الخميس، 25 أبريل 2013

لا تنظروا في عيونهم !

يفتحُ عيناهُ جيداً ويستفزّ كل وسائل الادراك، ليميّز عن بعُد أمتار عديدة بين مَن يُدخِل يده فيخرجها محمّلة بقطعة نقدية أو أكثر، وبين من يمرّ أمامه مرور العابرين ويرميه بنظرة استحقار.

في كل صباح يصحب أمّه ليمثّل رمزاً من رموز الفقر والحاجة. رمزٌ تجني لأجله الأمّ دخلها اليومي، وتعتاش على هذا الصيت "أمٌ فقيرة، مسكينة، وهذا ابنها صاحب الثياب المرقعّة، والمظهر الرثّ دليلٌ على صدق حجّتها"، هكذا يحدّث الناس بعضهم أو أنفسهم .

تتناقض الآراء بشكل واضح، عندما نتحدث ونناقش في ظاهرة " الشّحدة "، وبما أنها لا تقتصر على مجتمعنا الفلسطيني، فإن النقاش لا يحتاج الى تلميع او " تبهير" أكثر -فما قيل قد قيل- وما يقال لا يخرج عن كونه مجرد كلمات تثقل ميزان الكلام عن هذه الظاهرة. البعض يبدي شفقته على أي انسان يرمي كرامته جانباً ويمدّ يده سائلاً الحاجة والإعالة، ويقول في باله "فأما السائل فلا تنهر" . وآخرون يبررّون عدم التصدق لفئة "الشحّادين" بدعوى أنهم يمارسون أشدّ انواع النصب خباثةً، فهم لا يحتاجون النقود وانما يمارسون عملا وتجارة. ولا أعلم حقّا ان كانت كل نقود الدنيا تستحق ان ارمي بكرامتي ارضا لتُدوسها الأقدام وتمرغهّا نظرات هذا وذاك، أم ان الحاجة اقوى من مجرد التفكير بهذا الإتجاه !





على أية حال، سأترك كل هذا الحديث هنا، وأركزّ على صورة ذاك الطفل الذي وصفته بدايةً، فما ذنب ذاك الطفل ليعيش تحت سهام المذلّة التي تصله مع نظرات العامّة ؟ وكيف يرفع رأسه يوما، وهو يُخفضه حياءا وانكسارا من صورةٍ ترتقي لتكون فلما يوميا ! واذا صدقت نبوءات وتوقعات الكثيرين وكانت تلك المرأة التي تجلس قريبا من مركز المدينة (نصّابة) ، تمارس لونا من ألوان السرّقة، فأي ضمير تملك !؟ وكيف تجيب طفلها عندما يكبر على سؤال ماذا كنت افعل صغيرا !؟



لا ادعو أحداً الى تخيّل صورة نفسه طفلا، وأن يحصي عدد الألعاب التي كان يملكها، وانما ادعوكم جميعا الى تخيّل طفولة اولئك الاطفال، الذين تبتزّ كرامتهم يوميا. وليس ببعيد عن اقرب المقربين اليهم، في حضن الأم ! التي ان جُرحت كرامة أحدنا سارعت في ابعد الأحوال الى مداواة جرحه، إن لم تقتصّ من مسبُبّه ايضا .

عودة الى صورة الطفل، وبما ان أكبر همّه أن يحصي أعداد القطع النقدية، فأتخيّل ان اصغر طفل بينهم يستطيع اجتياز المرحلة الابتدائية في الحساب ! بدلا من اي يجتاز المرحلة الاساسية في فنون الشحّدة والاسترزاق على حساب الانسانية .

ارجوكم ،، !!
لا تنظروا في عيونهم ،، فتسرقوا منها البراءة
لا تنظروا في عيونهم ،، فتمزقّوا اشد الارواح طهارة
لا تنظروا في عيونهم ،، فتغرسوا في المقلِ " عاش دون كرامة " . 

من وحي المشاهدة ، 
بعد ان شاهدت " شحادتين " - بمسافة لا تزيد عن 100 م - تحتضنان طفلين بعمر الورود، وتشحدان بإسمهما !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق