تطرب الأذن لسماع هذه الأهازيج، وترتاح العين لرؤية الملعب مرتديا لونه الاخضر المعتاد، اما حكام اللقاء فيتعاهدون على الامانة وتحكيم الضمير، واللاعبون في قمة التحفز والشوق، والمدرجات تغني وترقص باهازيج واغان ٍتصدر من افواه جماهير متعطشة لفوز فريقها، وبين جماهير الفريقين سياج حديدي ومثله بينها وبين المستطيل الاخضر ، فلقاء في كرة القدم بالدوري الفلسطيني سيبدأ لتوّه الآن ، - دقائق معدودة - تـُرمى الطبول ، وتَسكُت الاهازيج ، وتتعالى الصيحات، وتترامي كراسي المدرجات هنا وهناك ، والشرطة تنزل ارض الملعب وتختلط بالجماهير فوق مدرجات تبدلت لساحة معركة، واللاعبون يركلون بعضهم البعض بدلا من ركل الكرة، اما الحكام فيحتمون بالشرطة ويخرجون كاللّصوص من الملعب ، ويعلو صفير سيارات الاسعاف التي تهرع الى المكان لنقل المصابيـن .
هذا المشهد يكاد يتكرر في كل مباراة كرة قدم "مصيرية" تـُجرى على ارضية الملاعب الفلسطينية، ففي عدد كبير من مباريات الدرجة الممتازة والاولى من الدوري الفلسطيني لكرة القدم، شاهدنا كيف كان التحدي الاكبر لنجاح المباراة خروجها بالصورة السليمة بعيدا عن شغب الملاعب وجماهيرها، ومنذ ان بدأ الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم اولى خطواته نحو اقامة دوري فلسطيني متكامل من حيث الاستمرارية والمستوى الفني المناسبين، وتحديدا مع وصول اللواء جبريل الرجوب الى رئاسة اتحاد كرة القدم، كان هناك رأس افعى يمتدّ دائما ، ليضع اتحاد كرة القدم في مواجهة حتمية مع المتسبب في شغب الملاعب الفلسطينية، فمن هو المتسبب الاول في استمرارية هذه الظاهرة ؟ وهل بالامكـان القضاء عليها ؟ وما هي السّبُل الاكثر نجاعة في ذلك ؟
أصــل الداء ...
تشير ابرز الدراسات الى ان ظاهرة شغب الملاعب قد ظهرت للمرة الاولى في بريطانيا قبل قرون عديدة، وامتدت بعد ذلك الى الدول المجاورة فيما عرف حينها بالعدوى او المرض البريطاني ، ولعبت النزعات العرقية والانتماءات الدينية دورا كبيرا في تغذية وتعزيز الفرقة بين الجماهير، وحضها على النزاع والتصادم بشكل مباشر .
وتعتبر حادثة ملعب هيسيسل سنة 1985 ، أكبر حوادث شغب الملاعب على مر التاريخ، والتي وصم المشجعون الانكليز على اثرها بوصمة الجمهور الاكثر "تعصبا"، وكانت بداية لإحداث قوانين متشددة ضد المشاغبين وزيادة حراسة الملاعب، حيث تسبب الشجار في قتل 39 مشجعاً إيطالياً من أنصار نادي يوفنتوس، بعد هجوم مشجعين لنادي ليفربول عليهم، وحرمت على اثرها الأندية الانجليزية من اللعب خمس سنوات في بطولات أوروبا المختلفة .
وانتقلت العدوى او المرض البريطاني كفايروس فتّاك الى ملاعبنا الفلسطينية كغيرها من ملاعب دول العالم، خاصة مع اقامة اول دوري فلسطيني لكرة القدم متكامل ومستمر بمطلع العام 2008، بعد النهضة الكبيرة التي شهدتها الرياضة الفلسطينية وكرة القدم تحديدا في الاعوام الثلاث الاخيرة، اذ اجتذبت رياضة كرة القدم عددا كبيرا من المتابعين، وكان لإنشاء ملاعب جديدة وبمقاييس دولية دورا في زحف الجماهير الى المدرجات لمشاهدة فرقها المفضلة تلعب كرة القدم، ولكن سرعان ما تحول العشق والانتماء الى تعصّب اعمى من بعض الجماهير جرّ معه فتائل الفتنة والكراهية ، لتتحول مباريات كرة القدم الى ساحات للمعارك في بعض الاحيان، ومتنفسا لكل لاهٍ وعابث .
نلوم مين !؟
لعل من الظلم ان نعزي اسباب شغب الملاعب لجهة او طرف واحد دون الاطراف الاخرى، هكذا كان (سامح بشير ) نائب رابطة مجشعي نادي جل المكبر يجيب عندما سألناه عن الطرف المتسبب باستمرار ظاهرة شغب الملاعب بفلسطين، واكمل بشير : " لعل اسباب كثيرة تجتمع هنا لاستمرار هذه الظاهرة وازديادها ، فالجماهير بتصرفاتها غير الواعية و غيرالمسؤلة ، والحكام غير الاكفاء ، واللاعب غير المنضبط اخلاقيا والذي يذكي نار الفتنة، كل اولئك يلامون، واتحاد كرة القدم والشرطة يلامان أحيانا اخرى عندما لا يعدلان بين هذا الفريق او ذاك " .
واكمل بشير قائلا : " كما يعلم الجميع فان ظاهرة شغب الملاعب منتشرة بجميع دول العالم، وربما نجدها بصورة اكبر في الملاعب الاوروبية وبين جماهيرها التي نفترض وعيها الكامل بنتائج الشغب واسبابه، ولكن يجب علينا كجماهير فلسطينية ان نعي الحالة الخاصة التي نعيشها، فالأعين مفتوحة علينا من جانب المحتل ومن اطراف تهدف الى خلق جو من الكراهية والفرقة بين ابناء الشعب الواحد ، ولهذه العوامل يجب ان نعمل جميعا لمكافحة هذه الظاهرة بملاعبنا ، وان نكون حالة خاصة في ذلك كما نحن في مجالات اخرى " .
اما الحكم الدولي ابراهيم الغروف علّق لصحيفة فلسطين الرياضية : "ان سبب الظاهرة يعود لعدم وعي الجمهور الرياضي وضعف التوعية الاعلامية ، وعدم فهم قانون كرة القدم والتحول من التشجيع الرياضي الى التعصب ، وعدم وعي بعض المسؤولين بالاندية الرياضية وتحريضهم المباشر وغير المباشر للاعتداء على طرف معين " ، واكمل ان الاخطاء التي تصدر عن الحكام لا تؤثر على نتيجة المباراة وان الحكم بشر ومعرض للخطأ .
ونجد لدى الجماهير اجابات مختلفة، محمد سليمان (متابع لكرة القدم) يقول : " ان وجود حكام اكفّاء وعلى مستوى عالي هو من يساهم في التقليل من هذه الظاهرة ، فاكثر الاحيان يكون الحكم السبب الرئيس في حدوث " طوشة " او مشكلة بين الفريقين ، بقرارته الخاطئة وغير العادلة " .
اما شبكة فلسطين الاخبارية " PNN " فقد نشرت في العام 2009 استطلاعا على شبكتها العنكبوتية حول اسباب انتشار الشغب والصراع في الملاعب الفلسطينية فرأى حوالي 51.38 % ان جهل المشجعين والنوادي هو السبب الرئيس في إحداث الشغب، بينما رأى 25.69 % ان لغياب العقوبات الصارمة دور كبير في حدوث الصراع، و20 % حملوا الشرطة والامن العام بالملاعب المسؤولية لعدم قدرتهم على حفظ النظـام .
طوشة على الهواء مباشرة !!
مباراة تكسير العظام ، او الثأر ، او مباراة " قاتل او مقتول " ، عناوين احتلت مكانها بالصفحات الاولى لصحفنا الرياضية الفلسطينية، و وجدت من المنتديات الرياضية على الشبكة العنكبوتية المكان الانسب لها ايضا ، هذه العناوين نشرت قبل يوم واحد من لقاء نادي جبل المكبر ونادي شباب الخليل في نهائي الدرع الفلسطيني لكرة القدم للعام 2009 .
في 29-5-2009 وعلى استاد الخضر الدولي بمدينة بيت لحم، ازدان الملعب بجماهير غفيرة قدّرت بحوالي 6 الاف متفرج، انقسمت على مدرجات الملعب بألوان واهازيج مختلفة، فالجهة اليمنى اكتست اللون الاخضر الزي التقليدي لنادي " النسور " جبل المكبر، اما الجهة اليسرى فتلونت باللونين الابيض والاسود الزي التقليدي لنادي " العميد" شباب الخليل، والمباراة تنقل على الهواء مباشرة على مرأى محبي وعشاق كرة القدم الفلسطينية، وحماس زائد وتوتر عصبي واضح منذ الدقائق الاولى، يدلّ على شحن الاعلام للاعبي الفريقين والجماهير على حد سواء بشكل مبالغ فيه .
تنظُر الى الملعب فتجد اللاعبين يركلون الكرة بعنفوان كبير، والاخطاء لا تعد ولا تحصى، اما الجماهير فتجلس تغني دقيقة وتسكت دقائق اخرى، وانت تجلس في بيتك تشاهد على التلفاز ما يحدث، وتختلط ببالك مشاعر الفرح لهذا العرس الرياضي بحشده الاعلامي والجماهيري المميزين، ومشاعر الخوف لهذا الشدّ والعصبية الواضحين، وتصل الدقيقة 25 من الشوط الثاني فتغلب شعور الخوف على الفرح، فها هو لاعب جبل المكبر يرتكب خطئا قرب منطقة الجزاء والحكم يطلق صافرته، فيشير لاعب المكبر بيده معترضا وآمرا جمهور فريقه بالاستنفار، وعندها تشاهد العصي والاحذية تتطاير في المدرجات، وبما انك تجلس في بيتك فالكاميرا هي من ستتحكم بمدى تقديرك للحالة، بالفعل تتصادم الجماهير وتتصارع، وتتدخل الشرطة لفك الاشتباك، ويفضّل مخرج القناة قطع البثّ ، فمناظر كهذه لا تبثّ على شاشات التلفزة !!
وتقرأ الخبر في التالي : " رام الله - أ ش أ- ألغيت مباراة نهائي درع الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم التي أقيمت مساء أمس على استاد الخضر الدولي جنوب الضفة الغربية بين فريقي جبل المكبر وشباب الخليل، بسبب أحداث الشغب. كانت المباراة قد انطلقت وسط حضور جماهيري كثيف وضاقت بهم المدرجات، حيث انتهى الشوط الأول منها بدون أهداف. وفي الشوط الثاني استمرت المباراة سجالا بين الفريقين حتى توقفت في الدقيقة 25 بسبب أحداث شغب تعذر معه استمرار اللقاء " .
واعتبراللواء جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم - في تصريح صحفي عقب إلغاء المباراة - أن شغب الملاعب ظاهرة عالمية وتحدث في العديد من ملاعب العالم لكن ظروف الشعب الفلسطيني مختلفة وعلى الجمهور المشجع أن يتحلى بأخلاقيات الشعب الذي ناضل ويعيش تحت الاحتلال ويقع تحت مجهر الاهتمام الإقليمي والدولى، مشيرا إلى أن الاتحاد سيكون حازما وحاسما في معالجة هذا السلوك المعيب والمخزي.
علم النفس يفسّـر ...
يفرق المتخصصون في علم النفس الرياضي بين نوعين من أنواع العنف وهما: العدوان كغاية، والعدوان كوسيلة ، ولأن الجمهور الرياضي الفلسطيني ليس الا جزءا من الجمهور الرياضي العالمي فانه معرض لنفس الاحتمالات تقريبا ، فعندما يكون الهدف من السلوك العدواني هو إيذاء الآخرين وإصابتهم بضرر والتمتع بمشاهدة الألم أو الأذى الذي يلحق بهم من جراء ذلك، يعتبر العدوان غاية بحد ذاته.
بينما استخدام العنف لإلحاق الضرر والأذى بالآخرين بغية الحصول على تشجيع خارجي كتشجيع الجمهور أو إرضاء المدرب يعتبر العنف وسيلة لغاية معينة وليست غاية بحد ذاتها. وبالرغم من أن استخدام العنف (كوسيلة) يعتبر الأكثر شيوعًا واستخدامًا في الوسط الرياضي إلا أننا نجد أن كلا النوعين يهدف إلى إيذاء الآخرين ولا يمكن تبريرهما في الوسط الرياضي الفلسطيني بأي شكل من الاشكال .
وايا كان نوع العنف، فأن تشاهد جمهورا يحمل " السكاكين " و " الخناجر " في عدد من مباريات كرة القدم الفلسطينية فهذا بحد ذاته يضع الف علامة استفهام على سلوكيات واهداف جماهيرنا الفلسطينية، فان كان في ذلك اقترابا من النوع الاول، اي العنف والعدوان " كهدف "، فهل نعزي ذلك الى الرغبة في الانتقام !!، ولنأخذ وصول الفريقين الى الملعب كمثال، بحيث يصطف اللاعبون احيانا امام حواجز الاحتلال، فيمر الفريق بالكاد بجميع لاعبيه وادارييه، واحيانا اخرى يعود لاعب او اكثر الى بيته دون زملاءه، او يتلقف جنود الاحتلال عددا اخر من اللاعبين من على حواجزهم للتحقيق او الاعتقال وهذا ما يحدث ايضا مع الجماهير في بعض الاحيـان، ما يخلق حالة من " النرفزة " تهيأ في نفوس البعض رغبة في الانتقام .
واذا تحدثنا بهذه الطريقة، فربما نضع للجماهير مبررا لانفعالاتها وتعصبها الاعمى، فهل يمكن القول على الجانب الاخر، ان على الجماهير ان تستوعب درسا من تصرفات المحتل لكي تتحدّ مع بعضها اكثر واكثر ؟!
وعلى الشبكة العنكبوتية عنف اخر، فتدخل منتديات كووورة فلسطينية مثلا ، وبعد مباراة "ديربي " او نهائي كأس فتقرأ ما لا تطيقه عين ترى او اذن تسمع، هنا يختلط الحابل بالنابل، والشتائم والمسبات تقدر بالمكاييل، و " المعركة الالكترونية " تكمل ما عجز الجيش عن انجازه على ارض الواقع، فان لم تصل المسبة جهارا نهارا، تدخل البيت عبر شاشة الحاسوب .
زيارات للفرجة ..
تذهب في يوم اخر الى ملعب الشهيد فيصل الحسيني بالرّام ، لتشاهد مباراة يفترض انها تحمل الطابع الودي، على جنبات الملعب عبارة " انما الامم الاخلاق ما بقيت ... " واسم الشهيد " فيصـل الحسيني " يعلو مقدمة الاستاد ومدرجه ، والموسم 2009-2010 يحمل اسم الشهيد " ابو علي مصطفى "، وعلى مسافة اقل من 200 مترا تشاهد جدار الفصل العنصري كيف فصل الابن عن والده والجار عن جاره، وبائع " البليلة" و " الترمس" يجد من الحشد الجماهيري مناخا جيدا ليسترزق اكثر، اما الباعة الاطفال فيحملون بعض " المسلّيات " يتنقلون بين الجماهير لبيعها، وعلى هذا المدرج يجلس الكبير والصغير أملاً بالاستمتاع بلقاء اشقاء يرتقي لاسم الملعب، والدوري ، ويرتقي لمستوى الحشد الجماهيري بطبقاته المختلفة كذلك، ولكـن حكم اللقاء يبدو ضائعا ومتسلطا بقراراته على فريق دون الاخر، ما يخلق جوا من النرفزة والعصبية بين الفريقين، وبشكل - درامتيكي – يسقط بائع المسليات ارضا، وتكبّ عربة " البليلة" على رأس صاحبها، فاللاعبون تضاربوا داخل الملعب والتحم الجيشان (الجماهير) واكملا المسرحية على المدرجات !! وهنا لا يتواجد افراد الشرطة الفلسطينية فهم ممنوعون من التواجد في هذه المنطقة .
وفي أفضل الحالات تقف وسط المشجعين وتنظر الى الملعب بأطرافه الاربعة، وتقرر الإستمتاع بمشهادة مباراة جميلة بمستواها الفني وذوق جماهيرها، فتسمع كلمة من هذا المشجع تتفحصها بأذنك فترميها بعيدا، وتعود نفس الكلمة وتترك باذنك صدى آخر، فتقف تنظر الى الملعب، صورة الشهيد ياسر عرفات تعلو المدرجات مقابل المنصة الرئيسية، ومسبات وشتائم هنا توجه للحكم، او للاعبي الفريق المنافس، تبتعد قليلا عن هذا المشجع وتقرر الذهاب الى اعلى المدرج وتنظر الى بلدية الرّام، وتحديدا في المكان الذي شيّد الملعب فيه، بالقرب من ضاحية البريد، اذ يعطي بعض المشجعين اسماء مختلفة للملعب ومنها اسم " ملعب الضاحية "، تحاول الجلوس على مقعد من المقاعد ، فتحتار ايها المناسب للجلوس عليه، ليس لجمالها ونظافتها وانما لأن الجماهير تقف عليها ولا تجلس وعندها يصبح للمقعد اشكال والوان مختلفة غير التي صمم على شاكلتها، وفي ملاعب اخرى كملعب الخضر او ملعب بلدية نابلس لا توجد مقاعد اصلا، فالجلوس يكون على "باطون" معرّى، والسؤال الآن هل لهذه البيئة دور ايضا في حدوث شغب الملاعب وطيش جماهيرها ؟!
وللتذكير فحالة ملعب فيصل الحسيني كغيره من الملاعب الفلسطينية، التي تشهد نفس التصرفات وحالات الشغب، في تناقض واضح مع اسماء هذه الملاعب على الأقـل .
الحـلّ !!؟
اتخذ الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم مجموعة من الحلول التي ساهمت بالحدّ من ظاهرة شغب الملاعب دون القضاء عليها، فشرطي يلبس الخوذة السوداء، وعصاته بمرفقه الايمن او الايسر، ويحمل " الواقي البلاستيكي" كان الحل الاكثر نجاعة، فعدد كبير من افراد الشرطة المدربين يلتفوّن كالافعى حول الملعب وداخله، واحيانا يفوق عددهم العدد الاجمالي لجمهور احد الفريقين، هذا في المباريات القوية التي يُتوقع عدم سيرها لبرّ الامان دون حضور الشرطة لضبط تصرفات الجماهير، وبالفعل نجح افراد الشرطة بالسيطرة على احداث شغب كثيرة في بعض المباريات، ولاحقوا مثيري الشغب بعد المباريات كذلك، ويواجه اتحاد الكرة مشكلة في ذلك ايضا اذ انه يُمنع حضور الشرطة في بعض الملاعب التي تقع في المناطق "ب" او "ج" الا بتنسيق مع الجانب الاسرائيلي كملعب (الشهيد فيصل الحسيني) وغيره من ملاعب كرة القدم ، ومن الحلول المتاحة ايضا فرض العقوبات الرادعة على الاندية التي لا يلتزم لاعبوها او جماهيرها بالقوانين المعمول بها، كما صرّح بذلك اللواء جبريل الرجوب في عديد المناسبات، وكان لذلك ايضا دور في الحدّ من ظاهرة شغب الملاعب، وقام الاتحـاد ايضا بتدريب حكام على كفاءات عالية حصل البعض منهم على الشارة الدولية، ذلك بعد ان تعالت الاصوات المطالبة بتطوير الجانب التحكيمي الذي كان له دور كبير كذلك في حدوث اعمال شغب كثيرة، بسبب القرارت الخاطئة او غير العادلة من بعض الحكام، وعدم ارتقاءهم لمستوى اللعبة في فلسطيـن .
تبقى الحلول الاخرى بيد الجماهير واللاعبين وادارات الاندية، هذا المثلث يُعزى اليه احداث شغب كثيرة، ويرى (سامح بشير) نائب رئيس رابطة مشجعي نادي جبل المكبر، ان الحلّ لا يتوقف على جانب واحد ، بل يتمثل بتضافر الجهود مجتمعة من اتحاد الكرة الى ادارات الاندية والحكام والجماهير ، ويؤكد : " ان التركيز على استثمار الحس الوطني والديني في نفوس اللاعبين والجماهير له دور كبير في الحدّ من هذه الظاهرة، بالاضافة الى نشرات التوعية والاعلانات التي تؤكد على رسالة لعبة كرة القدم الانسانية، وعلى الاعلام ان يلعب دوره في ذلك، فهو الاقدر على نشر هذه الثقافة " .
إذن فالحلّ ليس بهذه السهولة، فالمذنب غير محدد اصلا، وكما ان اللوم يقع على عديد الاطراف فالحلّ ايضا بيد هذه الاطراف مجتمعة ، وحتى لا تتكرر مأساة (مباراة جبل المكبر وشباب الخليل) وغيرها من المباريات، تقع على عاتق اتحاد كرة القدم الفلسطيني مسؤولية كبيرة في كيفية استغلال الاعلام وادارات الاندية والجماهير الواعية في احداث ثورة او نهضة فكرية لاصحاب الشأن في المجتمع الكروي الفلسطيني، فهل نصل في يوم من الايام الى صورة ملعب مثالية، يلعب فيها الفريقان لأجل كرة القدم لا غير ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق