مرّة أخرى تلتقط كاميرا المباراة اللاعب إبيدال وهو يقرأ الفاتحة في بداية لقاء فريقه برشلونة ومضيفه ليفانتي في الدوري الإسباني، فبعد العودة الأسطورية للفهد الفرنسي إلى الملاعب بات مادة دسمة للإعلام الإسباني والعربي كذلك، خاصة عادة قراءة الفاتحة هذه.
بكل صراحة أريد اليوم أن اسجل إعجابي بهذا الإعلام وهذه العقلية، أن اتقدم بالشكر لمخرج المباراة "اللطيف" الذي اختار هذا المشهد للمرة الثالثة توالياً. وبما أن مخرج المباراة يتغير ربما من لقاء لآخر، لذلك فالشكر هنا للعقلية ذاتها، لفكرة أن النقل التلفزيوني للمباريات هو مدّة من الزمن يمكن اسغلالها لإظهار كل ما يصاحب هذه اللعبة من رسائل جميلة تدعو للتسامح والمحبّة.
لو جربتم أن تشاهدوا معنا مباريات الدوري الإسباني لشاهدتم الكاميرا تعرض على الأقل:
- رجل بعيون ضيقة وبشرة حنطية، ومعه أسرته ويلّوح للكاميرات والابتسامة تلمع مساحة وجهه؛ جاءوا من كوريا الجنوبية لمشاهدة لاعبهم يلعب مع أحد الاندية في إسبانيا.
- علم لدولة ما ... رفعه مشجع، فأظهره مخرج المباراة لمدة ثانيتين او ثلاثة، جذب من خلاله محبّة أهل البلد ونشر السرور في قلب المشجع.
بكل الأحوال وعود للقطة إبيدال فإن هذه اللقطة الصغيرة التي دامت 10 ثوانٍ لم أذكر بأنني شاهدتها في الملاعب العربية، ليس لأن لاعبينا لا يجتهدوا بقراءة الفاتحة قبل المباراة ... بل والله معظمهم يفعلوها ! ويقدّموا لقطات جميلة وحسّاسة بشكل متتالي، ولكن وبكل صراحة هي لا تظهر لأن إعلامنا الرياضي لا زال ينظر إلى مباريات كرة القدم ويتعامل معها بعقلية الفوز والخسارة، ولا نقرأ من المباريات سوى عدد الأهداف و أصحابها، ولا يتم تسليط الضوء على لقطة إلا إذا كانت واحدة من هذه: احتفال بهدف، "طوشة" وسط الملعب، مسؤول يحضر المباراة.
الدوري الإسباني ليس برشلونة وفارق 13 نقطة، بل أن مشاهدة مباريات الدوري الإسباني فيها من ثقافة المحبّة، والرقيّ ما فيها.
* أحاول أن أقارن بين هذه اللقطة وبين بطولة لرياضة كرة السلة تقام سنوياً في دولة عربية، هناك يستغل مخرج المباراة كل لحظة توقّف ليسلط ضوء كاميراته على "حسناوات" المدرجات. ولا زلت أذكر وصف معلق المباراة عندما تأتي اللقطة على المدرجات فتجده يقول :"الكبار والصغار يشجعون، الجنس اللطيف حاضر في المدرجات "وتحلو نبرة صوته حينها! .