هو جزءٌ من اللعبة وليس كذلك أيضاً ...
هو يلبس لباساً لا يشابهه أحد، وأهدافه مختلفة تماماً عن الآخرين، وهو أيضاً شخصٌ
يُشتم كثيراً ولا يردّ! ... "حزّر فزّر: من هذا الشخص؟".
سأقرّب لكم المسألة مع أن الوصف أعلاه يكفي للتبؤ بالإجابة لدى "فلسطيني" يشاهد مباريات كرة القدم، ببساطة سأبحث لكم عن التشابه بيننا وبينه إلى جانب الاختلافات أعلاه لكي أقرب لكم الإجابة. هو أيضا من ذات جنسنا، ويملك قلباً بحجم قبضة اليد مثلنا ... لكنه "لا يفرح مع الفائز، ولا يحزن مع الخاسر" ! ... هل عرفتموه؟
أكثركم عرفه أعتقد. نعم هو "حكم المباراة" أو بشكل أدقّ هم "حكّام المباريات" في فلسطين. أشخاصٌ لا يُقال لهم "بوركت جهودكم" إلا ويُردف بعدها "لكن" و "لو" ! يقولون لحكم الساحة بعد المباراة مثلاً : "يعطيك العافية، قدمت مباراة جيدة اليوم، ولكن كنا نستحق ركلة ركنية بدلاً من ركلة مرمى للمنافس في الدقيقة 54 و 22 ثانية من المباراة!".
المهم ارتأيت أن أكتب عن الحكام اليوم، بعدما "أفجعني" مشهد لمشجع في المدرجات ينادي حكم الراية ويمارس معه هذه "الموقف البشع"، إلى جانب مواقف أخرى لا تعدّ.
فخلال مباراة لفريقين من المحترفين قام مشجع بمناداة حكم الراية لأكثر من مرّة وبأكثر من وصف، وبطبيعة الحال لم يصغِ له حكم الراية. بعد دقيقة التفت إليه حكم الراية – تصرف بسجيّته وحاول أن يستفهم سؤال المشجع -، لكن ذلك المشجّع خبّأ ما لم يتوقع ذاك الحكم، وأضمر له "بصقة" كادت تصيب وجهه لولا استدارته السريعة"!.
شتائم مشابهة يسمعها حكّام الدوريات العالمية، ولكن وفي نفس الوقت فإن ما يجعل شتائم جماهيرنا ولاعبينا "موجعة" أكثر، لأنها تمسّ أكثر ما يغار عليه الفلسطيني ... هي تمسّ "شرفه" ومحرّماته بطريقة تجعل العاقل –هنا- يُجنّ معها بفضل خصوصية المجتمع ومحافظته.
سأقرّب لكم المسألة مع أن الوصف أعلاه يكفي للتبؤ بالإجابة لدى "فلسطيني" يشاهد مباريات كرة القدم، ببساطة سأبحث لكم عن التشابه بيننا وبينه إلى جانب الاختلافات أعلاه لكي أقرب لكم الإجابة. هو أيضا من ذات جنسنا، ويملك قلباً بحجم قبضة اليد مثلنا ... لكنه "لا يفرح مع الفائز، ولا يحزن مع الخاسر" ! ... هل عرفتموه؟
أكثركم عرفه أعتقد. نعم هو "حكم المباراة" أو بشكل أدقّ هم "حكّام المباريات" في فلسطين. أشخاصٌ لا يُقال لهم "بوركت جهودكم" إلا ويُردف بعدها "لكن" و "لو" ! يقولون لحكم الساحة بعد المباراة مثلاً : "يعطيك العافية، قدمت مباراة جيدة اليوم، ولكن كنا نستحق ركلة ركنية بدلاً من ركلة مرمى للمنافس في الدقيقة 54 و 22 ثانية من المباراة!".
المهم ارتأيت أن أكتب عن الحكام اليوم، بعدما "أفجعني" مشهد لمشجع في المدرجات ينادي حكم الراية ويمارس معه هذه "الموقف البشع"، إلى جانب مواقف أخرى لا تعدّ.
فخلال مباراة لفريقين من المحترفين قام مشجع بمناداة حكم الراية لأكثر من مرّة وبأكثر من وصف، وبطبيعة الحال لم يصغِ له حكم الراية. بعد دقيقة التفت إليه حكم الراية – تصرف بسجيّته وحاول أن يستفهم سؤال المشجع -، لكن ذلك المشجّع خبّأ ما لم يتوقع ذاك الحكم، وأضمر له "بصقة" كادت تصيب وجهه لولا استدارته السريعة"!.
شتائم مشابهة يسمعها حكّام الدوريات العالمية، ولكن وفي نفس الوقت فإن ما يجعل شتائم جماهيرنا ولاعبينا "موجعة" أكثر، لأنها تمسّ أكثر ما يغار عليه الفلسطيني ... هي تمسّ "شرفه" ومحرّماته بطريقة تجعل العاقل –هنا- يُجنّ معها بفضل خصوصية المجتمع ومحافظته.
يدور في مخيلتي أمثلة كثيرة الآن عن مواقف "أصعب" حدثت مع حكّام أعرفهم شخصياً. ولا أتذكر بالمقابل مثلا أن إدارياً اعتدى على لاعب فريقه بعدما أضاع ركلة جزاء، وعلى النقيض شاهدتُ إداريا "يركل" جسد حكم ساحة أعرفه في منتصف الملعب لأنه لم يحتسب ركلة جزاء "خيالية" لفريقه.
لو بحثنا قليلاً في سجلات كرة القدم نجد أنها بدأت دون تواجد "حكم" على الملعب، ولكن هذا الحال لم يدم طويلاً وسرعان ما تم الاستعانة بضابط القانون هذا في عام 1881م، وأضيف إلى جانبه حكمان مساعدان في عام 1890. أي أن "الأوائل" عرفوا أهميّة هذا الدور.
باعتقادي فإن أول حلّ لمسألة قلّة احترام حكم اللقاء وقراراته من قبل الجماهير، واللاعبين، والإدارات على حدّ سواء هو إعادة التعريف بالحكم في وسائل الإعلام، بمهنته وشخصه، إعادة التعريف بـ "ابن البطة السودة" هذا. ومن ذلك إفساح المجال لحكام المباريات بالتصريح لوسائل الإعلام عن مواقف معيّنة في المباريات، وتفسير قرارات محددّة كذلك.
أفهم بأن تصريحاً لحكم بعد اللقاء قد يثير "زوبعة" من الآراء المضادة أكثر بكثير ربما من قراره نفسه. ولكن وفي هذا المجال تماماً أذكر بأني التقيت حكماً فلسطينياً بعد لقاء أثار جدلاً تحكيمياً هائلاً. ورحت أسأله عن إحدى اللقطات التي أثارت تساؤلي أيضاً. وُجدت منه إجابة منطقية جداً أزالت تساؤلي تماماً، ورحت أتخيّل الجماهير المعترضة وموقفها من حكم اللقاء بعد التفسير في وسائل الإعلام بيوم، شعرتُ حينها أن زوبعتها ستقلّ، و "حنقها" اتجاهه سيفتُر أيضاً.
أرى أن تراكم بعض القرارات "الغامضة" وعدم تفسيرها من قبل الحكام يترك فراغاً كبيراً ويُوضع بمقابله في كل مباراة حجراً فوق "صدر" هذه المهنة. حجرٌ جديدٌ يجعل الجماهير تعتقد بأنها على حقّ، وأن الحكم أخطأ فعلاً وهي لا تعلم بالمناسبة بأن حكام اللقاءات ممنوعون من الإدلاء بتصريحات تخصّ تحكيمهم لأي مباراة بعدها مباشرةً أو حتى لوقت طويل.
تصريح يتلوه آخر، وتوضيح يتلوه آخر، سيجعل الجماهير تتطّلع أكثر على قوانين هذه اللعبة، وتخفّف من هجماتها "المسترعة" على التحكيم. وبهذه الطريقة سأضمن لكم تخفيف لوتيرة الانتقادات، وتقريب لوجهات النظر، ودخول حكم المباراة لهذه اللعبة ليكون جزءاً منها في مخيّلة الجماهير واللاعبين وبقية عناصر اللعبة، لا أن يبقى على الهامش، والطعن فيه "حلال".
تخيلوا معي لو طورّنا الأمر لعمل مقابلات سيرة ذاتية دورية، وقصص عن حكامنا في الدرجات المختلفة، وأن إعلامياً مثلاً عرّف على حكم اللقاء في بدايته على أنه أب لطفلين الأول إسمه "وطن" والثاني "فجر"، ويعيش في القرية الفلانية، ويعمل "سائقاً" بعد المباراة، وأنه أب لشهيد في الانتفاضة الثانية. هل سيسمع هذا "الإنسان" شتائم ولعنات الجماهير كما يستمع لها الآن ؟ هل سُيفكّر من قرأ مقابلة معه قبل يوم من المباراة بإبكاء طفلين وزوجة .. ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق