خرج من منزله صباحاً وقد ارتدى زيّه الرياضي كاملاً، حقيبته الرياضية
على كتفه الأيسر، وفي يمينه قشرة الموز بعدما التهم ما بداخلها. فتح باب المنزل
وهمّ باستنهاض ثورة عينيه لاستقبال أشعّة الشمس.
تخطّى الباب الخارجي فوجد سبعة فتية بانتظاره ! حاول الاختباء منهم. كلّهم هتفوا باسمه واقتربوا منه. أصدقاء لهم اقتربوا من المشهد أيضاً بعدما لاحظوه. التقطوا صورهم التذكارية معه. وفي رأسه ترتسم صورة وحيدة: "مدرج الملعب يهتف: منصورين بعون الله ".
عندما صعد الحافلة استمع لحن بلده يصدح صوتاً داخل المذياع، وسائق الحافلة الذي يعرفه تماماً عاجله بسؤال صغير: "هل استعددتم جيداً للمنافسة اليوم؟". إجابته لم تتعدى الكلمات الثلاثة :" أبطال كما عهدتمونا"!.
حينما وصل الملعب قرّر الابتعاد عن الأضواء، عدسات الصحافة تلاحقه وزملاءه. كلّهم يفكرون في الكيفية التي سيتخطوّن بها المنافس هدية للجماهير اللاهثة للانتصار. بينما تفكّر هذه الجماهير فعلاً بعرض مبهرٍ وممتع بعد ساعة من الآن.
نهض "فؤاد" في تمام الساعة التاسعة صباحاً. استذكر هذا الحلم "الجميل". واقترب يخرج من المنزل، وعندما وضع قدمه اليسرى بعد اليمنى على عتبة الباب استمع كلمات أمه : "الله يوفقكم يا ابني"، وكالحلم تماماً خرج والتقف أشعة الشمس. لم يجد الفتية على الباب، فقط مرّ عنه تلامذة اثنان (أبناء الجيرة) وأسمعوه سخريتهم بصوت واحد : "مش تاكلوا الخمسة اليوم
لم يستهجن لاعب منتخب فلسطين للشباب حديثهم ! لطالما استمع لكبسولات "التثبيط" هذه. نعم يشبهها هو للكبسولات لأنها تتكرر كل مرة وتختزن بنفس الطريق على لسان كثيرين. سائق الحافلة لم يعرفه أيضاً، كان قد أشعل سيجارته "العربية" للتوّ. فؤاد بلهجة خافتة أمره بإطفائها كونه يمتنع عن التدخين ومصاحبة المدخنين؛ فهو رياضي.
والسائق الذي يعلّق صورة اللاعب البرتغالي العالميّ "رونالدو" في الجانب الأيمن العلوي للحافلة نظر إليه في المرآة وابتسم بسخرية، وعلا صوته يقول: "مفكر حالك رونالدو يخوي" ! وأكمل يعزف لحن سيجارته.
مذيع إحدى المحطات المحليّة كان يتلو نشرة الأخبار وعندما وصل نهاية النشرة ذكر :"يلتقي اليوم منتخبنا الوطني للشباب بنظيره العُماني في التصفيات الآسيوية للشباب على ملعب دورا. أمنيات الجمهور الفلسطيني بأن يحقق الـ ... ". تدخّل هنا سائق الحافلة وغيّر المحطّة، وفؤاد عاد يكرر ذات الشريط في عقله: "كم سيمضي من الوقت سيبقى منتخبنا يواجه فيه الفلسطينيين وسلبيّتهم قبل مواجهة المنافس؟!".
يقولون أن من بين أسرار النجاح أن يعيشه الفرد قبل خضوعه للاختبار.
حلم لاعبو فلسطين اليوم أو غداً يبقى قائماً ومشروعاً، ويبقى التحدّي الأكبر قائماً كذلك بأن يقف الجهور الفلسطيني بقلبه إلى جانب أبنائه ويتغلّب ولو لمرّة على ثقافة "الضعّف والنقص" خاصة في مجال الرياضة، لأن الجمهور اللاعب رقم "1" هذه الأيام. ابن فلسطين أحقّ بالتشجيع من غيره. والنتائج الإيجابية تأتي تباعاً.
ملاحظة: اسم اللاعب لا يعبّر بالضرورة عن شخصية حقيقية في الواقع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق